الرئيسية / سياسة / عربية / أزمة الخليج . . انتهاء سياسة عدم المكاشفة!

أزمة الخليج . . انتهاء سياسة عدم المكاشفة!

أزمة الخليج . .انتهاء سياسة عدم المكاشفة!

  • رزق فرج رزق. ليبيا
    riziq2007@gmail.com

    المواقف وحدها هي التي تضع الحكومات موقف الضد أو الانحياز، ولكن التغيُّر السريع في المواقف للدول العربية والخليجية خاصة يخلط الأوراق ويُصعب التقديرات، و يتوه عندها الحق مع الباطل، فالمراقب سيلاحظ صمت السعودية ودول الخليج على تجاوزات  قطر السياسية، فما الذي تغير الآن؟

   و هل قرار المقاطعة يكفي للتحصين من شر قطر؟ و هل المقاطعة قرار مستقل بذاته؟ وبالمقابل هل طاولة  الحوار ستكون  الفيصل في فض النزاع و العدول عن القرار؟ 

هل الحكماء في المنطقة هم من سيلعبون دور تقريب وجهات النظر، و ترشيد الفرقاء إلى حل يُشبع تطلعات قطر ويبدد مخاوف السعودية و بالتالي الإمارات؟ أم ستكون الأزمة تحت رحمة تغريدات (ترامب) وهوسه.

والسؤال الأهم: هل سيطرأ على المنطقة تحالف مضاد يجهض آمالها في التعايش السلمي؟

    الظاهر ليست بالضرورة هو الحقيقة المقصودة، لهذا لا يمكننا قراءة تصريحات عادل الجبير وزير خارجية السعودية من زاوية واحدة فقط، و التنقلات السريعة ومحاولة اقناع الأقطاب الأوروبية الأقوى كفرنسا و ألمانيا و وضعها في صورة ما يحدث في المنطقة – على أساس الموقف السعودي – يعطينا انطباعاً أن القرار لا يرتكز على  ركيزة واضحة تحت عنوان بارز (محاربة الإرهاب).

    لكن يمكن قراءتها من زاوية أخرى مغايرة وهي محاولة انهاك قطر اقتصادياً باعتبار الاقتصاد هو أساس بسط النفوذ الذي تسعى إليه قطر في المنطقة، و تتطلع من خلاله إلى زعامة على حساب نقاط ضعف بعض الدول و سياساتها الخاطئة، واستغلالها بحجة الدعم والمساندة، وربما شعور السعودية ببوادر هذا التطلع بدأت تتحقق لقطر جعلها في موقف حرج وتهديد خطير يصل إلى اسقاط عرشها، خاصة في ظل الضغوطات والتهديدات التي تواجه السعودية و شبح مستنقع اليمن يخيم على وتيرة هذه التهديدات.

     لهذا جاءت السعودية بشكل مفاجئ بقرار المقاطعة، و تعزيزه بتحالف اقطابه الرئيسة الامارات، كونها الجارة و المنافس الخليجي الأقوى، والبحرين، بالإضافة إلى مصر و ليبيا،  و الباب مفتوح لتوسيع النطاق. موريتانيا، والأردن و غيرها، ما مراعاة الخيار المطروح واضح الملامح هو تكتل حول قطر وتحالف يضم تركيا، و هذا ما يعوق أي خطوة ثانية للمقاطعة ضد قطر، وأقصد هنا شن حرب صريحة على قطر وإسقاط نظامها عسكرياً، و تركيا الأقرب لقطر من السعودية من حيث المرجعية الدينية، وهذا التقارب المنهجي يعد حصانة أخرى  لقطر من أي ضربات عسكرية.

رؤوس الإرهاب

    إذا ما نظرنا إلى مبررات المقاطعة يمكننا أن نقدر لليبيا ومصر موقف تحالفهم كونهما المتضرر من سياسة قطر بدعمها المباشر وغير المباشر لحركت وجماعات متطرفة، هم محور أصيل لِمَ يحدث على الأرض من نزاعات وعمليات إرهابية، بالإضافة إلى الموقف الواضح من قطر والتجاذبات السياسية الدائرة على أكثر من منوال، لكن من يفكر ويرسخ فكر التطرف والإرهاب يتحمل المسؤولية الكبرى لأنه هو مهندس الإرهاب، وتوصيف قطر برعاية الإرهاب ومقاطعتها  لا يعني  القضاء على الإرهاب؛ لأنه برؤوس متعددة، ربما تتشكل على انياب بعضها تحالف المقاطعة، فالإرهاب (فكري) قبل أن يكون أفعال على أرض الواقع، وكثيرة هي الأدلة التي تؤكد وجود حاضنات للإرهاب كالتي ترعاها قطر في عدد من دول المنطقة، ولكن المعروف أن السحر ينقلب يوماً ما على الساحر، و هذا ما حدث ويحدث على مرأى ومسمع من الجميع، وبيت القصيد هو (غبي من يعتقد أن السياسة الترامبية ستتوقف عند قطر، بل اصبعها سيفقع عيون المنطقة عين تلوَ الأخرى حتى يُشبع غريزته).

تأجيج اعلامي

    التأجيج الإعلامي اسطوانة مشروخة إذا ما تحدثنا عن قناة الجزيرة؛ لأننا سنكيل بمكيال واحد فقط، ونضع قنوات الـ ( (mbc، والعربية والحدث و اسكاي نيوز في سلة واحدة إلى جانب الجزيرة، في اختراق معيار المهنية و الاصطفاف إلى جانب الحاكم كل من موقعه.

    لهذا لا يمكننا أن نعتبر شبكة الجزيرة أو المجموعات الإعلامية التابعة لقطر والمدعومة منها مطلب من مطالب التصالح، خاصة إذا ما افترضنا أن تغيير الخط الافتتاحي لوسائل الإعلام سالفة الذكر غير وارد في الوقت الراهن.

تمويل التطرف

دعم حماس، و احتضان المعارضة المصرية الموالية للرئيس المعزول محمد مرسي، تعتبرها قطر شأن خاص، و يعتبرها الخصوم دعماً للإرهاب والتطرف، و هذا مطلب يمكن النظر فيه حسب آليات مفاهيم الإرهاب، وستكون الفرصة سانحة للاتفاق على تعريف موحد للإرهاب على الأقل في المنطقة العربية والشرق أوسطية، إذا ما نظرنا لتركيا شريك قوي لقطر مما سيخلق توازن الكفتين، ويعد هذا المحور هو الأهم في حلحلة الأزمة الخليجية، خاصة بعد انتهى سياسة عدم المكاشفة التي كانت تلتزم بها دول الخليج  حيال قطر قبل المقاطعة.

 الإمارة والشرعية

    سياسة عدم اتخاذ القرار لمنع تمويل التطرف واحتضان رجالاته يعد ورقة لعب في يد السعودية وحلفاؤها، فعلى هذا المنوال يرسلون رسالة للشعب القطري بانه أولى بتلك الأموال الباهظة التي تُصرف على منظمات و أطراف متطرفة لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة- حق أُريد به باطل. وتعد هذه الورقة ذات وجهين، أولهما اللعب على وتر تعزيز صناعة انقلاب قطري، ومن وجهة أخرى يمكن أن تلعب الورقة ذاتها على تغيير السياسة والتوجه القطري المقلق للمنطقة – على أقل تقدير. 

فدول الخليج لا يمكنها العمل صراحةً على اسقاط النظام القطري و انتهاك شرعيته، و ما يختزل السيادة في بقاء الأمير على رأس الحكم، و يظل التداول على السلطة عشائري و شأن داخلي، لكي لا يُفتح باب أمام شرعية الحكم في المنطقة التي تحكمها أسر و أبناء عمومة، و لا مجال للتعدي على أي إمارة مهما كانت الأسباب تحت شعار (السيادة و عدم فرض الوصايا)، وإن حدث سيكون باختراق المنظومة الحاكمة في قطر و العمل على انقلاب – صناعة خليجية –  من داخل القصر حتى يحافظ شكلياً على الشأن الداخلي، وهذا الأمر سيكون مقبولاً بالنظر إلى حقائق الجغرافيا والتأريخ لدولة قطر.

عن الخبر ال واي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *