الرئيسية / ثقافة / الكاتب السوداني محمد حسن النحات:الكتابة تنبأت بأمور مستقبلية أسهمت في رقي البشرية

الكاتب السوداني محمد حسن النحات:الكتابة تنبأت بأمور مستقبلية أسهمت في رقي البشرية

الكاتب السوداني محمد حسن النحات:

الكتابة تنبأت بأمور مستقبلية أسهمت في رقي البشرية

 

القاصة رانيا بخاري/ السودان
القاصة والكاتبة / رانيا بخاري/ السودان 

حاورته الكاتبة رانيا بخاري/ الخرطوم
ولج الى متاهة السرد من إنسانيته فهو يترجم ذلكم الجسد البشري، يرى ما لا نراه بالعين المجردة يحسب نبضاتنا، يشهد صرخة الميلاد، وإغمادة الرحيل، مادته الانسان بكل قوته وضعفه. من خلال عمله يكتب بداية حياة ويشهد افول الارواح، ما أقسى عالمه، لا تنفك تلك الاجساد من مروادته ليلا ونهارا.

فائز بجائزة الطيب صالح لمركز عبدالكريم ميرغني، وكذلك حاصل على الجائزة الاولى لمسابقة الوسط البحرينية. يمتك حسا بوليسيا، ويعمد الى مدرسة فرويد في التحليل النفسي من خلال بناء الشخوص، كما ان لغته تضيف بعدا جماليا لمتن النص، وفاز بجائزة صالون نجيب محفوظ. إنه القاص محمد حسن النحات.

في حواري معه قال: القصة سابقاً كانت تقف عند محطة التغني بأمجاد الفرسان كما في الكتابة الملحمية، لكن كل ذلك تبدل مع مجئ العصر الكلاسيكي عندما كتب سرفاتس قصته “دون كيخوته” وسخر من قصص الفرسان، واقترب بشكل لم يدركه معاصروه من الواقع. حالياً أرى أن الكتابة القصصية من أكثر الأشكال الأدبية اهتماماً بالهامش. فقد انحازت بشكل واضح للتعبير عن الواقع الإنساني لفئات قليلاً ما تم تناول معاناتها. هذا الاهتمام المتعاظم أطلق عليها البعض مشكلة البطل المهمش الزائد عن الحاجة .

ويحضرني هنا قول الأديب جمال الغيطاني: لا يمكن بحال الإحاطة في سطور بالمشهد الكلي لقصص وروايات تناولت المهمشين، وان كانت ثمة نماذج بارزة في تاريخ الإبداع, فهنالك أعمال ديستويفسكي وغوركي وتشيكوف وهيمنجواي كلها احتفت بنماذج بشر عاديين على المستوى المعنوي والمادي .

القاص السوداني/ محمد حسن النحات الحائز على جائزة صالون نجيب محفوظ
القاص السوداني/ محمد حسن النحات
الحائز على جائزة صالون نجيب محفوظ

ويعتقد محمد حسن النحات أن القاص يستند في كتابته على المشاهد الحياتية اليومية فيختزل الشخوص والمكان والزمان وايجابيات وسلبيات المجتمع ليسكبها على الورق إبداعاً ممتعاً يرسخ في ذهنية القارئ ويحضه على التفكير في القضية التي تناولها الكاتب .

وأكد أن القاص لا يمكن أن ينفصل عن الواقع، لكنه يدفع إلى الارتقاء نحو الأفضل، وكرحالة حاذق يدعو القارئ إلى مغامرة قصيرة لاكتشاف رؤية جديدة وواقع أجمل.

وقال: الكتابة تنبأت بأمور مستقبلية أسهمت في رقي البشرية فالكاتب الفرنسي جول فيرن تنبأ في روايته “من الأرض إلى القمر” بصعود الإنسان إلى سطح القمر الأمر الذي تم بعد 100 عام من صدورها. وكذلك في روايته الأشهر “عشرون ألف فرسخ تحت الماء” تنبأ باختراع الغواصات البحرية.

ويرى النحات أن الكتابة – كأي عمل إبداعي آخر – لن تبلغ الكمال مهما اجتهد الكاتب واستغرق من وقت، فالألفاظ في الأعم قاصرة عن أداء المعني الذي يختلج في نفس المبدع.. فالكتابة هدم للكتابة السابقة وتقويض لها .لذلك نجد الكثير من الأدباء يعيدون كتابة أعمالهم بعد نشرها بسنوات .. الرضا الكتابي غاية صعبة المنال وقمة يجاهد الكاتب للوصول إليها .. وأنى له ذلك !

ويوضح أن المجتمع السوداني يكثر به السرد الشفهي، وهذه ميز جيدة تخلق داخلك الدافعية نحو الحكي. بالطبع هنالك أم حنون تهدهدك بأحاجي جميلة تتذوق طعمها حتى بعد هذه السنوات، وأب يجمع أسرته في الليالي الدافئة ليقص قصصاً لجنيات وغول ما يعيش في الغابة وعوالم غامضة ستأخذ كل كيانك فتنبت بذرة بين سبابتك وإبهامك تشدك لتمسك قلما وتكتب قصصك الخاصة .

وعن بدايته قال الكاتب السودني: أنا لا أذكر تاريخاً معيناً لبداية محاولاتي الكتابية لكني أذكر حادثة طريفة. في يوم وأنا أهم بالعبور إلى الرصيف المقابل ناداني الحلاق الجالس أمام متجره والذي كنت أمر أمامه في غدوي ورواحي من والى المكتبة, كنت أعرفه لكن لا نتبادل الكثير من الحديث. أقبلت عليه فسلم وقلب الروايات التي كنت أحملها ثم رفع بصره نحوي قائلاً: “ألم تكتب كتاباً بعد؟” أجبته بلا متعجباً .. فقال بحسم: “يجب أن تكتب” جاملته موافقاً وأكملت مشواري .. بعدها بسنوات بدأت أكتب .. والآن أذكره وأشكره جداً.

وأضاف: في البدايات يجد الكاتب صعوبة في إزاحة أناه الخاصة بعيداً عن الصفحات. وهذا يجعل القصة الأولى والرواية الأولى سيرة ذاتية للكاتب وقلة تفلت من هذا الشرك. أنا أستلهم قصصي من ما حولي ويحدث هذا التداخل حتماً لكني أعمل على عدم تصوير الواقع كما هو، فشخصيات القصة الجيدة ليسوا أشخاصاً واقعيين تماماً والمهارة أن تقنع القارئ أنهم بشر مثلنا من لحم ودم فيتعاطف مع هذا ويمقت ذاك .

وعن طقوس الكتابة وعاداتها قال محمد حسن النحات: إلى الآن لم أعود نفسي على الانتظام في الكتابة وجعلها حرفة – وأدعو أن أصل إلى هذه المستوى – القص حقيقة عمل شاق ويستحلب الوقت والطاقة البدنية والذهنية والنفسية بصورة لن تتخيلها ما لم تكتب. القصة تنبت في صدري طفلاً وديعاً يلهو هنا وهناك ويكبر بطيئاً وفي مرحلة ما أتفاجأ به شاباً قوياً يثور على الحبس ويقرع أبواب صدري ليخرج، فأصارعه على الورق حتى يصرعني فينجو بحريته وأسعد بمولودي وبعدها أبدأ تهذيبه حتى أصل إلى الرضا عما كتبت .

  • أنا كائن نهاري

يقال إن القصة القصيرة كادت ان تنكسر قاعدته كجنس ادبى طالما كان اللاجئ في شجرة السرد كجرم حكائى صغير، ولكن محمد حسن النحات يعترف: هذا هو عصر الرواية التي أضحت ديوان العرب وتمت تنحية الأجناس الأدبية الأخرى من أمامها, لكن القصة القصيرة ما زالت قائمة بشموخ وتدر إبداعها على الوسط الأدبي وتشهد رواجاً وتقام لها المنافسات والمسابقات.

وهنالك لبس سببه عدم الاتفاق على تعريف موحد للقصة مما سبب تداخلاً بين القصة القصيرة وغيرها من الأجناس السردية, ولقد افترض الروائي ادجار ألن بو أن القصة القصيرة عمل روائي يستدعي لقراءته المتأنية نصف ساعة أو ساعتين. والبعض عرفها أنها تختلف عن الرواية في الطول والبناء والدوافع.. فلا يوجد تعري فشاف وكاف لها مما جعل البعض يدخل الكل في باب الفن الواحد (الأدب).

والتقسيم الموجود عندنا للقصة القصيرة والرواية لم يعد موجوداً في الغرب بهذا الشكل الحاد. مثال ذلك ماركيز فلا يقال عنه إنه روائي ولا إنه كاتب قصة قصيرة، بل يقال إنه كاتب قصة, فلديه قصص كمائة عام من العزلة تقع في مئات الصفحات وقصص أخرى تقع في عشرين صفحة.

وعن مهنته كطبيب وعلاقتها بالكتابة قال: المهنة حتما تلقي بظلالها على الكتابة وتفيد بمعلوماتها وخبراتها فتضيف إلى النص إذا كان دائراً حولها. والطب يجعلك أكثر إنسانية ويريك حالات البشر بكل انفعالاتها. الضعف الشديد المؤلم، السعادة الغامرة بالشفاء، والموت, فتصير أكثر حساسية وملماً بكل ما ذكرت. كما أن الطب يزيد من معدل تركيزك فهو مهارة أساسية ندرب عليها لالتقاط ما يفوت على الشخص العادي. وأنا كتبت قصتين تدوران في عوالم طبية ووظفتها لألقي الضوء على حالات إنسانية خالصة

عن الخبر ال واي

شاهد أيضاً

إطلالة على كشكول رباعي متكامل

إطلالة على كشكول رباعي متكامل بقلم: زياد جيوسي    في 438 صفحة من القطع الكبير …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *