الرئيسية / ثقافة / قصة ورواية / العاصمة “بلاطا” (2) للقاص عبدالقادر لحميني

العاصمة “بلاطا” (2) للقاص عبدالقادر لحميني

العاصمة “بلاطا” (2)

الكاتب عبدالقادر لحميني / المغرب
الكاتب عبدالقادر لحميني / المغرب

 ـ رجل يبحث عن الخبزـ   بقلم : عبد القادر لحميني

 “بَّنَهَا” أختي في حركتها هي “آمَّى” في كل شيء ، من الرأس إلى القدمين ، يعجبني كثيرا أن أقلد “آسَرْ” ؛ في قرية “سيلدو” الأبناء للآباء و البنات للأمهات ؛ يهزأ أبي “آسَرْ” من عمي “رَمَاح”، يلتفت إليه قائلا:

ـ ..حدثني عن نعشك يا “رَمَاح” !!

يشعل عمي “رَمَاح” ملفوف التبغ، ويغرق في بحر الصمت ثم بعد هنيهة يلتفت إلى أبي” ، قائلا:

ـ أنت مشغول كثيرا بالموت يا “آسر ” .. !!ربما ستكون أكثر فرحا عندما يكون “صُبْح” و”فَلاَد” من بين الذين يحملون نعشك إلى نهايته !!..أو تقصد بكلامك أنني لم أخلف أو لاد ،ربما هذا ما تقصد بالضبط .. 

 آسر” يتطلع إلى نظرات “آمى” ، أدرك أنه وضع رجله في الوحل ، حجم الضياع الذي يعيشه “رَمَاح” هو الذي دفع به ثانية  العودة إلى ملفوف التبغ الذي تحظره الحكومة ، أقراص المهدئات التي يتسلمها مع نهاية كل شهر من مستشفى ” إِيفِير” لن تثنيه عن التفكير في الأولاد ، كلمة ” بابا” التي تلتقطها أذناه عارية من ضجيج الأطفال ،تبحر به عكس الرياح !، يتساءل في سره : “أليس من حقي أن يكون لي بنين وحفدة كما الآخرين ، ربما سأعيش إلى النهاية من غير كَبِد !!” ؛ العرافة تقول بأن” سَالِي” هي السبب، والطبيب “نوفر” يقول العكس، “رماح” هو السبب !!،أراد عمي “رماح” أن يتبنى  أخي “فَلاَد” ،لكن سبب العداوة القائمة بين “آمَّى” أمي ،و زوجة عمي “سالي” ،لم يحدث شيء من هذا؛ .”سالي” تلعن العرافات وتتهمهن بالشعوذة ، وعمي “رماح” يلعن الأطباء ،كل أطباء مستشفى “إيفير” ويقول متشدقا ملء فيه : إنهم يضحكون على الناس !! ؛ما أعرفه عن مستشفى “إيفير” هو بابه العريض ذو الشباك الحديدي  وأقراص المهدئات الملفوفة في كاغد التي يتسلمها منه عمي “رماح” مع نهاية كل شهر، مرة سألت عمي “رماح” :

ـ..لما تصلح هذه الأقراص الصغيرة !!

ضحك عمي “رماح” كثيرا وقال لي:

ـ..لكل شيء.. !!

  كنت أركض خلفه ، أعشق جمع القوارير الفارغة وعلب الكارتون ، رمى عمي “رماح” بالقرص الصغيرة الأولى أسفل شاربه الكث و أعقبها بالقرص الثانية ، ثم أشعل ملفوف التبغ و التفت إلي قائلا:

ـ .. هذه ..الأقراص يا” صُبح” ..لا يمكن بلعها إلا بملفوف التبغ !!

أخذت منه قرصا صغيرة بيضاء أكبر من حبة العدس بقليل ،فركتها بين الإبهام والسبابة وبلعتها ، كانت بمذاق الجير ..، توقف عمي “رماح” فجأة وقال :

ـ تظن بكم حصلت على هذا الكاغد من الأقراص   ..يا “صُبح”؟

ـ ..قلت له :بكم !؟

ـ..قال لي : بملفوف تبغ ،سيجارة !! .

عن الخبر ال واي

شاهد أيضاً

هناء نور : تكتب “علبة حليب” قصة قصيرة

هناء نور تكتب : “علبة حليب” قصة قصيرة يؤلمني جدا حين يعتصر ثديي في كفه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *