ريما الرويسان...ملهمة الشرق
الرئيسية / ثقافة / مقالات ثقافية / وللقهوة مذاق آخر .. وعشق من عبق الوطن

وللقهوة مذاق آخر .. وعشق من عبق الوطن

وللقهوة مذاق آخر .. وعشق من عبق الوطن

ريما الرويسان…سفيرة تسامح وسلام

صباحكم ورد مع فنجان قهوة ورائحتها  التي تأخذك لعالم اخر مليء بذكريات الأماكن والاشخاص.

انا وغيري من محبي القهوة نستمع بكافة انواعها حتى وان كانت مره فهي  لذيذة بكل أنواعها.

انها معشوقة العالم ومحبي الادب والسهر والعشق، فقد يصل بك الفنجان لحد الافراط ثم الإدمان!

القهوة ملهمة الشعراء والمثقفين فنزار قباني مزج الحب بالقهوة (عندما اشرب القهوة معك اشعر ان شجرة البن الأولى زُرعت من اجلنا)

اما محمود درويش فربط عشقه للقهوة باشتياقه لفلسطين(أحنُ لخبز أُمي وقهوة امي)

فما حكاية ذلك المشروب السحري الذي يمنح الطاقة والسعادة انها يا سادة الماخا؟

وأنتم تستمعون بفنجان قهوتكم سنحلق معاً في جولة تاريخية وجيوسياسية بين المسافات المكانية والزمانية ليصل لكم فنجان قهوتكم المليء بالأساطير؟؟

كان ولازال لنوادي المقاهي او ادب القهوة  روادها من الشعراء والمثقفين والساسة وحتى الثوار قديماً يتجمعون في المقاهي للتخطيط لثورة ما في وجه المحتل الاجنبي!

فالمقاهي كانت غطاء مهيب لهم لدرجة ان بعض السلاطين قديماً أصدروا فرماناً بحظر ومنع مجالس المقاهي وتجمعاتها!

ولكن ماهي حكاية القهوة؟؟؟

يعود تاريخ القهوة للقرن العاشر وقيل قبل ذلك حسب التقارير الموثقة

فموطن القهوة الأصلية اثيوبيا حيث انتشرت في اديرة العبادة لإعانتهم على العبادات ووصلت للهند وفارس وتركيا والجزيرة العربية لتنتشر في أوروبا ثم أمريكا.

وكلمة قهوة أخذت من العربية وشتُقت من النبيذ والتي تشير المعاجم لإسمها (قها) بمعنى عدم الجوع أو سد الشهية، فالبعض ارجع كلمة قهوة للقوة والطاقة وان كانت هذه المصطلحات موضع خلاف الا ان القهوة ترمز للحَب او النبات او البٌن فسميت خمر النبيذ! بمعنى غامقة اللون.

من خلال بحثي وجدت الكثير من الروايات الاسطورية والشيقة عن أصل القهوة:

منها شخص يدعى أبو الحسن الشاذلي  المسافر لأثيوبيا فلاحظ  إن الطيور تتمتع بحيوية  عند تناول أوراق التوت، وهنالك رواية أخرى لراعي اغنام اثيوبي لاحظ نشاطاً لافتاً على الماعز بعد تناول شجرة القهوة فتذوقها فأعجبته ليجلبها لدير قريب منه ولكن الراهب رفض استخدامها ورمى بها في النار ففاحت منها رائحة زكية فسحق حبوبها وغلاها على النار وبذلك كان اول فنجان قهوة في العالم (بالعافية عليهم وشكراً لهم لأنه أفضل من اختراع القنبلة الذرية)

ولكن اصدق الأدلة على اكتشاف القهوة هي بفضل الامام محمد الذبحاني التاجر في استيراد البضائع من اثيوبيا لليمن لتصبح مخا أو بربره وهرر مركزاً للتجارة آنذاك.

كان النُساك والدراويش يشربون القهوة كمنبه على التركيز في الشعائر الدينية فانتشرت في القاهرة ثم دمشق وبغداد فالقسطنطينية.

كان اول مقهى في الحوانيت العُثمانية وكان صاحبيه من الشام فصار للمقهى رواد وذاعت شهرته لدرجة ان الباشوات وكبار البلاط العثماني أصبحوا من مرتاديه.

قُدِمت القهوة بشكل رسمي ومباح في عهد السلطان سليمان القانوني عام 1554 الذي أجاز شربها بعدما أفتى بعض الفقهاء بحرمتها لتولع الناس بها وبحجة ما يصاحبها من انبساط وانشغال الناس عن حياتهم وبيوتهم في المقاهي!

ولكن!

هل سمعتم بقصة المثل الشعبي المتداول (دلق القهوة خير) والذي ليس له علاقة بالخير اطلاقاً وهذا المثل قال للتخفيف من حدة الموقف حالياً!

فلنتعرف من هو خير الذي أصبح مضرباَ للأمثال:ففي أحد الايام وتحديداً في قصر أحد الأثرياء قديمًا والمشهور بفتح

صالونه للأعيان، كان لديه خادم فقير يُدعى “خير” وهو المسئول عن تقديم القهوة للضيوف، وذات مرة سكب  خير القهوة

رغماً عنه على أحد الضيوف فاستاء صاحب القصر ..  ورد الضيف “دلق القهوة خير” ولما تقدم  “خير” في العمر باتت حركته أصعب وتكرر سكبه للقهوة على الضيوف فكان الضيوف في كل مرة يقولون “دلق القهوة خير”

ومن هنا اشتهرت المقولة(وهي تنطبق على الشخص الذي يتمادى بتكرار  الخطا).

ومن الغريب ان تدخل بعض بيوت الأصدقاء العرب فتقلب لك فنجانك لتقرأ طالعك من خلال الرسومات التي تخلفها القهوة في الفنجان الأبيض ولكن كذب المنجمون ولو صدقوا!

للقهوة يوم  عالمي يحتفل ويحتفي  بها العالم وهو  يوم ٢٩ سبتمبر .

قديماً كان للقهوة طقوس وعادات مميزة، فمناطق العراق والشام وشبه الجزيرة العربية تُصب لهم القهوة والقهوجي واقف على راسك! هذا بالإضافة إلى تعمد مسك الدلة باليد اليسرى وتقديم فناجين القهوة للضيوف باليد اليمنى.

ومن العادات القديمة  ولازالت عند العرب هز الفنجان والكثير منا لا يعرف سبب هز الفنجان؟ فقديماً كان شيوخ المجالس يُعينون قهوجي أخرس وأطرش لصب وتقديم القهوة في مجالسهم حتى لا يتنصت لحديثهم ولا يُفشي أسرارهم فعندما يكتفون من شرب القهوة يهز الفنجان للقهوجي كلغة إشارة ومعناها توقف عن الصب!

اما في السعودية فللقهوة تحويجه  خاصة من هيل وقهوة ومسمار وزعفران تُقدم مع التمر او القدوع كرمز للكرم.

وفي لبنان تقدم القهوة بيضاء من ماءٍ مغلي وماء زهر ونعناع وهال، اما في المغرب تقدم القهوة مع الأعشاب مضافاً لها جوزة الطيب والقرفة ‏والزنجبيل.

أما عالمياً فالقهوة  أنواع شهيرة :

منها قهوة فلات وايت الأسترالية والقهوة الإيطالية أو إسبريسو رومانو والقهوة الفرنسية او كافيه أوليه اما القهوة المكسيكية او كافي دي أولا فتحضر بطريقة رائعة وتقدم في وعاء فخاري لكونه يمنح القهوة نكهة مميزة فتمزج القهوة بالسكر البني والقرفة فتنبعث منها رائحة أشبه بالعسل الأسود وبمذاق لذيذ.

اما القهوة الفيتنامية او قهوة البيض ويتم اعدادها بشكل غريب من صفار البيض!

اما القهوة البرازيلية: او كافيزينو وتعرف بالقهوة السوداء الصغيرة والحلوة والمركزة جداً.

ولا ننسى القهوة اليابانية: وتسمى كاه كوهي وهي القهوة المعلبة ومتوفرة في آلات البيع والمتاجر.

واخيراً للقهوة التركية مذاقها وهي المفضلة في منطقة الشرق الأوسط وشرق أوروبا.

تعتبر القهوة المشروب الأكثر شعبية في العالم فإذا كنت من محبي شرب القهوة وفق طقوس ومزاج معين، فمن الجميل أن تحاول اكتشاف المقاهي في السفر لتستمتع بجمال المقاهي ورائحة وطعم القهوة وستدهشك طقوس اعدادها ومذاقها المميز والرائع.

سأوجز لكم نتائج البحوث السيكولوجية؟ فنوع قهوتك قد يحدد مزاجك وشخصيتك وحتى اعتلالك النفسي!

فالأشخاص الذين يفضلون القهوة السوداء (ربما) تكون لديهم شخصية سوداوية وصفات سلبية وقد يكون مدمنها نرجسياً ذو أنانية طاغية ومكر شديد!

لدرجة انه قد يصيب الناس بالأذى! وهذه الدراسة لا تنطبق على الكل.

وصحياً ثبت ضرر القهوة وعلاقته المباشرة بنقص فيتامينات هامة للجسم لو اخذت بعد الوجبات مباشرة ،كما ان لها فوائد جمة أهمها تحسين الذاكرة والادراك وتحفز هرمون الأستروجين للنساء

قد يكون لفنجان القهوة شِفرة لإرسال رسالة لأحدهم ففي تركيا تقدم القهوة مالحة وبدون سكر لإيصال رسالة للعريس عند الخطبة، ويجب عليه أن يشربها بالكامل بدون انزعاج ليثبت تحمله للمسؤولية.

وللقهوة السادة حضورها في العزاء فغالباً ما تُقدم بدون سُكّر لإكمال طقس المرارة والفقد وانتبه ان تقول لأصحاب العزاء دايمة حتى لا تدوم الاحزان والمأتم!

واخيراً لا قهوة تشبه أخرى فلكل بيت قهوته فلا نفس يشبه أخر  ولا  قهوة تشبه قهوة امي.

دمتم بسلام

عن الخبر ال واي

شاهد أيضاً

“سوسْطارَة”… الحَفْرُ فِي عَوَالم الظِلّ

“سوسْطارَة”… الحَفْرُ فِي عَوَالم الظِلّ مقالة الروائي الكبير واسيني الأعرج عن ” سوسطارة”، لروائية حنان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *