الرئيسية / مجتمع / موال -رمضان مروح- في سياقه الجماهيري

موال -رمضان مروح- في سياقه الجماهيري

موال -رمضان مروح- في سياقه الجماهيري

موال -رمضان مروح- في سياقه الجماهيري

زينب محمد عبد الرحيم
باحثة في الفولكلور والثقافة الشعبية

   رمضان مروح وجايب لنا عيده موال مصري غنائي برع في أدائه الفنان محمد طه صاحب العشر آلاف موال ؛كان يغني وينظم ويلحن فن الموال الشعبي ؛ برع في ذلك الفن وكذلك في الارتجال مستخدمًا أصول الموال الشعبي الصعيدي بمختلف ألوانه فقد برع في غناء ونظم الموال الأبيض والأخضر والأحمر مُعبرًا بذلك عن الكثير من المعاني الإنسانية في قالب غنائي شعبي له شهره واسعة بين المصريين متوسلًا بفن الموال الغنائي.

   ولد محمد طه في مدينة طهطا (صعيد مصر) ونشأ في عزبة عطالله سليمان بقرية سندبيس؛ أبدع محمد طه في فنون الموال الشعبي وكان يرتجل وينظم وكان كذلك صاحب فرقة موسيقية شعبية وكان يجول القاهرة بفنه وفرقته حتى ضمه زكريا الحجاوي إلى فرقة الفلاحين للفنون الشعبية ثم بعد ذلك قدمه الإذاعي جلال معوض؛ لإحياء حفل اضواء المدينة في غزة، وفي عيد الثورة غنى محمد طه العديد من المواويل الشعبية الوطنية أمام الرئيس جمال عبد الناصر.

   ثم بعدها كون محمد طه فرقته الخاصة وأطلق عليها الفرقة الذهبية للفنون الشعبية وعنت الفرقة بالكثير من الالات الشعبية الهوائية كالناي والأرغول والمزمار الصعيدي والالات الإقاعية مثل الرق والدف والدربكة وكذلك الالات الوترية مثل العود و الكمان والرباب.

   والجدير بالذكر أن الفنان محمد طه شارك في العديد من الأفلام المصرية وأمتعنا بعدد ليس بالقليل من المواويل الشعبية المصرية الاصيلة توفى الفنان محمد طه 12 نوفمبر عام 1996 ولكن لازال يُمتعنا بأعماله الفنية التي عبرت عن الشعب وناقشت العديد من رؤيته وقضاياه وذلك في سياقين السياق الشعبي والسياق الجماهيري.

  وسنلقي الضوء في هذه المقالة على أحد مواويل محمد طه ذيوعًا وهو موال رمضان مروح تم عرضه في سياق جماهيري على خشبة المسرح وتم عرضه في التليفزيون المصري احتفالًا بحلول عيد الفطر المبارك وذلك في الستينيات (1965) حلوة صلاة النبي عاشق جمال النبي رمضان مروح رمضان مروح وجايب لنا عيده (1) وعودي ياليالي الهنا نور النبي عيده(2) وتعود علينا وعليكوا بخيروعافيه ولا يخلف مواعيده(3) وبأخره يا ناس بنفرح بيوم عيده(4) يارب عود الليالي بكل سلام تعود ليالي الفرح قلبي انشرح غالي غالي فرح طيب المجموعة: مسا الجمال والدلال والورد عالفاضي وع الحلو دور”

   يفتتح محمد طه الموال بذكر النبي وهذه العادة جرت في افتتاح المواويل ذات القوالب الغنائية؛ واعتمد كذلك على قافية واحدة في الأشطر الأربعة معتمدًا كذلك على كلمة (عيده )فاستخدمها بمعنى العيد و بمعنى الإعادة معبرًا عن نهاية شهر رمضان الكريم وحلول عيد الفطر المُبارك كاحد عطايا شهر رمضان ويتمنى ان تعود ليالي رمضان التي انارتها نور النبي عليه افضل الصلاة والسلام وكأن الفنان يرسل من خلال الموال برقية تهنئة بحلول عيد الفطر المبارك ويدعي الله ان تعود ليالي رمضان في مواعيدها وفي آخرها نفرح بالعيد وان تكون أيام سلام وفرح تشرح قلوب المستمعين.

   وما يميز هذا الموال الغنائي أنه اعتمد على كلمات بسيطة دارجة بعيدًا عن الالفاظ التى من الممكن وان لا يعرف معانيها أغلبية جمهور القاهرة وكذلك الطبقات الاجتماعية الأخرى و ذلك بكل تأكيد له غرض فقد قام الفنان باختيار الالفاظ السلسة البسيطة ملائمة للعرض الجماهيري الذي سيتيح للعديد من فئات المجتمع سماع الموال وفهم معانيه بسهولة وذلك لأن الموال الشعبي في سياقة الشعبي له غرض نفسي ووظيفي فهو يُعتبر لسان حال الجماعة الشعبية وترجمة فنية صادقة للوضع الاجتماعي والاقتصادي والنفسي وأيضًا السياسي.

    وللموال الشعبي عدة أنواع وأيضًا ألوان وهو يعتبر من أبرز الفنون القولية يعتمد على اللغة الشعبية واللهجات الدارجة مُعبرًا عن منظومة ثقافية كاملة ويحتوي على خطاب شِعري له عدة دلالات وثيقة الصلة بواقع الحياة الشعبية بما فيها من عادات وتقاليد ترسلها مُخيلة الفنان الشعبي إلى المتلقي على هيئة قوالب موسيقية ويساعد الوزن وهذا الإيقاع الموسيقي في توارثها وتواترها شفاهة ويُعزز حفظها في ذاكرة الجماعة الشعبية الحاضنة لهذا المأثور القولي . اما حينما يتعرض الفنان الشعبي لعرض فنه في سياق جماهيري فهو أمام الثقافة الجماهيرية؛ هناك جدلية واسعة بين الثقافة الجماهيرية Mass culture والثقافة الشعبية folk culture ويحدث تفرقة شديدة بين الثقافتين وهناك بعض الآراء التي تفرق بوضوح بين الثقافتين بوصف أن كل منهما تعد انعكاسًا لروح مختلفة فالأولى (الجماهيرية)انعكاس للحاضر والثانية (الشعبية) انعكاس للماضي.

مما يبرز عملية التغيير الاجتماعي وبين ثقافات الصفوة والثقافة الشعبية تظهر التمايزات بتنويعاتها المختلفة داخل البنية الثقافية الكلية ومن هنا تحدث ديناميات التغير وعلاقات التأثير والتأثُر فعندما ينتقل أي فن أدبي شعبي من السياق الشعبي الطبيعي سواء كان ذلك مناسبة اجتماعية أو دينية إلى سياق جماهيري أمام جمهور مختلف وأيضًا في مناسبة مختلفة ليعرض على خشبة المسرح فإنه يخضع بدرجة أو بأخرى للتغيير سواء بالحذف أو الإضافة فتنفصل الفنون الأدبية عن جمهورها الأصلي وأيضًا عن وظيفتها الأصلية.

وتحاول أن تقترب من العمل الفني الرسمي أو المثقف ومن ثم يحدث انفصال بين حامل هذا التراث الأصلي وبين الفنان الذي يُطلق علية – إعلاميًا شعبي وهذا خطأ شائع هو فنان جماهيري – فيبدأ الفنان الجماهيري في ممارسة عنصر الاختيار حتى يوقع تبديلًا أو تغيرًا ربما إلغاء لبعض عناصر العمل الفني الأصلي ولم يقتصر الفنان محمد طه بنظم الموال المعبر عن العيد بل انتقل لموضوع آخر داخل هذا القالب الغنائي وقال :

“ليلي يا عيني ياليل احنا يابني كلمنا بلدي يعني كلمنا عربي من صغر سني بنظم فن ع البلدي ولا كل من كان يقول أدوار ولا كل من كان يقول موال على بلدي وباتحاد العرب منصورة يابلدي اجيب سلاح للكفاح والنصر يا بلدي أموت بالنار ولا أقبل عار على بلدي”

  وافتتح الموال بليل يا عين هذا أيضًا تقليد غنائي ارتبط بفن الموال ثم اعتمد كذلك على القافية الواحدة وأيضًا الكلمة الواحدة ثنائية المعنى مبتعدًا عن الكلمات ذات اللهجات الصعبة على الفهم الجماهيري تجنبًا لغموض المعنى والملاحظ أن هذا الموال الوطني عرض تحية واجلال لبلده معبرًا عن الوضع السياسي لمصر في ذلك الوقت مستعرضًا في البداية مهارته في صنعة فن الموال المصري الأصيل وللموال بقية ولكن قمنا باستعراض جزء منه تركيزًا على فن الموال في سياق العرض الجماهيري وكيف برع محمد طه في نظم وتوظيف فن الموال الشعبي ليصعد على خشبة المسرح ووسائل العرض الحديثة كالراديو والتلفزيون وفي الختام؛ هناك دراسة علمية ل رشدي صالح أيضًا تحت عنوان المأثورات الشعبية والعالم المعاصر 1972 وقد ركزت تلك الدراسة على قضية تغير عناصر التراث الشعبي بفعل متغيرات الحياة الحديثة ويلخص هذه العملية المركبة ويقول‘‘

   إنَّ الكثير من المأثور الشعبي الموروث يتعرض للاندثار والتعديل والكثير منه يمر بعمليات الملاءمة وإعادة ترتيب العناصر أو تعديلها والإضافة إليها، كما أن مأثورات شعبية متوالية تولد لمواجهة ظروف الحياة الجديدة فالتوسع في الاستخدامات التكنيكية وتغيير ملامح البيئة وتعميم التعليم وتعريض عقل الإنسان وخياله لسطوة التنميط وجبروت وسائل الاتصال الجمعي الحديثة، كل ذلك يتتبعه الباحثون في ثقافات الأمم وينبهون على أثره على أصالتها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*زينب محمد عبد الرحيم، كاتبة وباحثة في الفولكلور والثقافة الشعبية والتراث الحضاري

موال -رمضان مروح- في سياقه الجماهيري    رمضان مروح وجايب لنا عيده موال مصري غنائي برع في أدائه الفنان محمد طه صاحب العشر آلاف موال ؛كان يغني وينظم ويلحن فن الموال الشعبي ؛ برع في ذلك الفن وكذلك في الارتجال مستخدمًا أصول الموال الشعبي الصعيدي بمختلف ألوانه فقد برع في غناء ونظم الموال الأبيض والأخضر والأحمر مُعبرًا بذلك عن الكثير من المعاني الإنسانية في قالب غنائي شعبي له شهره واسعة بين المصريين متوسلًا بفن الموال الغنائي.    ولد محمد طه في مدينة طهطا (صعيد مصر) ونشأ في عزبة عطالله سليمان بقرية سندبيس؛ أبدع محمد طه في فنون الموال الشعبي وكان…

0%

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)

عن الخبر ال واي

شاهد أيضاً

أدونيس: تبقى بيروت صانعة الثقافة في العالم العربي

أدونيس: تبقى بيروت صانعة الثقافة في العالم العربي هالة نهرا قُبيل أحداث غزّة التي شغلت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *