الرئيسية / مجتمع / الناقد سامي البدري/ النقد الأدبي بعين إبداعية لا بحد المشرط
الروائي والشاعر سامي البدري/ العراق

الناقد سامي البدري/ النقد الأدبي بعين إبداعية لا بحد المشرط

في الثاني من سبتمبر من عام 2012 كان هذا الحوار لصالح صحيفة فسانيا الليبية..

النقد الأدبي بعين إبداعية لا بحد المشرط

(حوار مع الروائي والناقد العراقي سامي البدري)

الصحفي رزق فرج رزق/ ليبيا


حاوره رزق فرج رزق الكاسح


تعريف موجز عن شخص سامي البدري الأديب والناقد.

روائي ناقد وإعلامي عر اقي درس الاعلام والنقد الحديث في جامعات ومعاهد عربية متعددة. صدر له: تضاريس الأحجية – مجموعة شعرية.. رماد الأسئلة/ مجموعة قصصية.. سيرة جدار/ مسرحيات.. محطات ومراحل في حياة نوري السعيد/ تاريخ سياسي.. نحو تأسيس مجتمع مدني عراقي/ كتاب مؤسسة الحوار المتمدن مع مجموعة من الباحثين العرب.. حرية المرأة العراقية آفاق ومعوقات/ كتاب مؤسسة الحوار المتمدن الرابع.. إيقاع غريزة الفراشات/ رواية عن دار تموز ورند/ دمشق.. الرغبة عند درجة الإستواء/ مجموعة قصصية عن نفس الدار… موت بلون آخر رواية عن مؤسسة الرحاب هذا إضافة إلى مئات البحوث والمقالات والقصائد المنشورة في الصحف والمجلات العربية… كما ترجمت قصصه وقصائده إلى اللغتين الانكليزية والفرنسية.

كيف تقرأ المشهد الثقافي العربي؟

من المعروف إننا كعرب لم نؤسس لمشروع ثقافي، لا على المستوى القومي ولا حتى على المستوى القطري؛ ولهذا فإن مشهدنا الثقافي مجزأ الجهد وبلا قواعد رصينة تؤسس لنهضة حضارية .. وعليه استطيع أن أقول أن مشهدنا الثقافي محصور بكم الكتب التي ينتجها الجهد العقلي الفردي من دون الرسوخ كقواعد قيمية وبنى أخلاقية وسلوكية، على الصعيد اليومي، وطرق تفكير علمي وأسس معرفية على صعيد التكريس بعيد المدى.. وعليه أستطيع القول أن المشهد الثقافي العربي يشهد حراكا على صعيد الإنتاج الثقافي من دون أن يتمكن من إمتلاك أدوات تكريس هذا الحراك في حياة المجتمع العربي، كقواعد ثقافية عامة، لأن البنى الاجتماعية والتاريخية للمجتمع العربي تلبستها، ولأسباب تاريخية، بنوع من التقديس الذي حظر عليها مجاراة سنن التطور والتغيير.

كيف تقييم التجربة الأدبية الليبية؟ وهل ترى لها بوادر الخروج من المحلية؟

الحقيقة إن التجربة الثقافية الليبية، وبعد سنوات العزل التي مارسها النظام السابق، أدهشتني بحجم منجزها وتنوعه.. فهناك أسماء وقامات في حقل الرواية والشعر والقصة القصيرة ستشكل

الروائي والناقد عراقي سامي البدري

عامل حراك ثقافي في الساحة الثقافية والفكرية العربية، بعد أن كسرت ثورة السابع عشر من فبرارير قيود العزلة، التي كان يمارسها الطاغية، على حياة وفكر المجتمع الليبي وكتابه وأدبائه ومفكريه. أكاد أقول إننا في المشرق العربي نكاد لا نعرف من أسماء الحراك الثقافي الليبي غير ابراهيم الكوني والصادق النيهوم، في حين إني هنا وجدت قامات وأسماء في الرواية، لو كانت أخذت إستحقاقها في التعريف والدراسة، لكانت رسمت وجها جديدا للرواية العربيةن والتي ظلت طوال العقود الماضية حكرا على بضعة أسماء، لا تملك من المؤهلات غير جهد الماكنة الاعلامية التي أحسنت تسويقها. المهم هو إني أعكف الآن على كتاب قراءات تعرفي بحجم هذا المنجر الثر، وسأحرص على أن يكون متساوقا في تغطيته للشعر والقصة القصيرة والرواية، عسى أن أوفق بإعطاء صورة تعريفية ببعض أسمائه التي سيشكل منجزها وجها جيدا للحراك الثقافي العربي كما أرى.

من خلال قراءاتك النقدية لبعض الأعمال الأدبية الليبية ما الذي لفت نظرك في البناء الفكري من حيث الصورة الأكثر حضوراً والأكثر غياباً؟

لا شك أن المجتمع الليبي، وكباقي المجتمعات العربية، يقع تحت سطوة المحددات الاجتماعية التي هيمنت على الساحة الثقافية العربية ورسمت أطر وتابوهات ثقافتها وحراكها..، إلا أن المثقف الليبي يدأب، على إلقاء حجره في ماء البحيرة الراكدة أو (المركدة) ولكن بصمت المتصوفة والعارفين! فعلى العموم، مازالت الفطرة هي التي تحكم ثقافة المجتمع بقوالبها ومحدداتها التي تحتاج لدأب وصبر كبيرين من أجل إختراق تلك القوالب.

هل الناقد هو الذي يخضع النص لمشرط الجراح؟ أم دوره الغوص في عمق جمالياته؟

هذه هي الإشكالية التي مازال يعيشها أغلب نقاد النقد المدرسي العربي: التعامل مع النص كجسد مريض يجب علاجه على طاولة تشريح غرفة العمليات الكبرى في المشافي الرسمية! بالنسبة فإني أساسا لا أدعو نفسي ناقدا… بل إني أمقت هذه الكلمة من الأساس.. أنا قارئ أطارد جماليات النص على أمل القبض على بعض إشاراته من أجل تفكيك شفراتها وإضاءتها للمتلقي، على قدر ما تسعفني أدواتي التي ليس بينها – ولن يكون أبدا – مشرط النقد المدرسي الذي لا ينظر أو لا يتعامل إلا مع نصف الكأس الفارغ!

أنا أدعي إني قد طورت رؤية خاصة في قراءة النص الأدبي، ونظرت لهذه الرؤية في مجموعة من المقالات التي من بينها: الاشتباك مع دانتيل النص، أين يسكن الشعر، قصيدة دائمة جل مناوب، صوت مقترح لأنوثة الشعر وغيرها… وجه هذه الرؤية ينصب على رؤية والتعامل مع جماليات النص والكشف عنها من دون ما عداها.

في تقديرك ما هي التقنية السردية الأنسب لإنجاز نص روائي ذاتي؟ وهل كل فعل ذاتي يمكن أن يكون حدثاً و يصلح حكائياً؟

دعنا نزيل لبس وإلتباسات الأيديولوجيا التي فرضت على الثقافة العربية، الأدب، وبمختلف أجناسه، ذاتي بإمتياز؛ وجميع المحاولات السيااديولوجية التي حاولت فرض الموضوعية عليه كانت مقحمة وتعسفية ومتجنية، لأن عملية إنتاج الأدب فعل ذاتي ونتاج عملية تفكير ورؤية خاصة..، وعليه فإن كل عمل سردي هو ذاتي، وستظهر فيه ذات الكاتب شاء أم أبى؛ ولكن في الرواية علينا تجنب أمرا واحا هو أن لا تكون الرواية سيرة ذاتية مباشرة.. أما فيما يتعلق بشق سؤالك الثاني فإن عملية إحالة أي حدث إلى فعل ومادة سرديان فهذا خاضع لموهبة الكاتب ومدى تمكنه من أدواته وقدرته على المناورة بتقانات السرد.

من خلال تجوالك عربياً – هل تتوفر ملامح تيار نقدي عربي يوازي ما تم انتاجه من إبداع روائي عربي؟

كلا للأسف؛ وهذا مرده إلى تسلط الجامعات على العملية النقدية، تنظيرا وتطبيقا، واحتكارها لفعل (الفتوى) في شؤونها من خلال إقتصار المناهج التعليمية في الجامعات العربية على المناهج والمدارس النقدية الأوربية، وعدم نظر هذه الهيئات إلى ما سوى هذه المناهج بعين الاعتبار.. وأنت ترى في مجلاتنا ودورياتنا وصحفنا أن الدكتور الناقد الفلاني عندما يتناول بالنقد نصا ما فإنه يعتمد البنيوية، وإن الدكتور الناقد علان يعتمد المنهج السيميائي وغيرهما المنهج التفكيكي… وعندما تتم قراءة بحوثهما المليئة بالهوامش والمقتطفات والاحالات تجد أغلبها هي ليست أكثر من عملية إستعراض لمصطلحات ومفاهيم تلك المناهج والشواهد المستقة من تنظيرات الناقد الانكليزي

الروائي والشاعر سامي البدري/ العراق

فلان ورؤى الناقد الفرنسي فلان… وفي نهاية تجد نفسك على التساؤل: وأين أنت ورؤاك يا سيدي الناقد، ما دمت أكتفيت بترديد مصطلحات ورؤى غيرك علينا؟

وأنت ترى في صرعة مسابقات الفضائيات الشعرية، التي خرجت علينا بها بعض الدول الغنية، وصرت ترى إنها تستعين بالدكتور فلان واستاذ الأدب الحديث في الجامعة الفلانية، واستاذ النقد الحيث في الجامعة الفلانية، وفي النهاية تذهب جائزة المسابقة لأردأ نصوص المسابقة… هل يكفيك هذا شاهدا على عملية تحجيم الجامعات العربية لروح النقد ومنعها لتأسيس مشروع نقدي عربي الذي كان يجب أن تتصدى لتأسيسه؟

إذا كنت تتفق معي في أن أدوات فحص ومعالجة الأدب لدى الناقد غالبا ما تكون موروثاً إنسانياً – فهل من الممكن أن نجد في المدارس الغربية أدوات نقدية يمكن استخدامها عربياً؟

وأنا سأسألك بدوري: وهل يكتب المبدع العربي بنفس الروح التي يكتب بها المبدع الغربي لنطبق على نصوصه أدوات نقد النص الغربي؟

العمل الأدبي نتاج بيئته وثقافة مجتمعه؛ ولذا فإني أرى أنه يجب أن تكون لكل نتاج أدواته النقدية الخاصة به، في الجوهر طبعا وليس في الخطوط العريضة.، وإلا فإنه قد سبق للأصمعي مثلا أن وضع لنا أهم قاعدة نقدية كان من المفروض أن نؤسس عليها مشروعنا النقدي… ولكن كم جامعة عربية إلتفتت لهذا الأمر وكم من باحثيها إشتغل عليها؟… وأظن إنه قد آن لك أن تقول لي إني قد ثرثرت أكثر منك كي توقف هجمة لومي للجامعات العربية لأنها ستلومك أكثر مما ستلومني على آرائي!

عن الخبر ال واي

شاهد أيضاً

أدونيس: تبقى بيروت صانعة الثقافة في العالم العربي

أدونيس: تبقى بيروت صانعة الثقافة في العالم العربي هالة نهرا قُبيل أحداث غزّة التي شغلت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *