الرئيسية / ثقافة / مقالات ثقافية / (حجرة الأشياء المنسية ) وعودة هدى كمال إلى سيد الوكيل

(حجرة الأشياء المنسية ) وعودة هدى كمال إلى سيد الوكيل

(حجرة الأشياء المنسية ) وعودة هدى كمال إلى سيد الوكيل

(حجرة الأشياء المنسية )

وعودة هدى كمال إلى سيد الوكيل

شيرين زين الدين

دراسة نقدية بقلم /شيرين زين الدين

* حجرة الأشياء المنسية هي القصّة الثالثة في المجموعة القصصية (مثل واحد آخر) للأديب المصري “سيد الوكيل”.
* إنّ عودة شخصية هدى كمال لها حضور طاغٍ بين السطور، فعلى الرغم من أنّها شخصية حزينة، إلّا أنّها تبعث في الكتابة حياة مختلفة، وحين يكتب عنها “سيد الوكيل” أجد عباراته  تحتوي كمًا كبيرًا من الشغف والعشق  وكأنها تهبه الحياة التي يريدها ، بالطبع كان لابد من أن يغرم بها فهي مِن صُنعِه ، فلقد ظهرت في مجموعته القصصية  (أيام هند)  سنة 1990، وعلى فترات متباعدة بين روايتي فوق الحياة قليلا سنة 1997، ثم “الحالة دايت” 2011، وأخيرًا في كتاب “مثل واحد آخر “الذي صدر حديثًا في هذا العام 2023.

*برغم ذلك، لم يكن  ظهورها المفاجئ هو السبب الذي أوقفني عن كتابة رؤيتي الكاملة عن المجموعة القصصية “مثل واحد آخر”، بل كان طفل المريلاند، يهزمني الأطفال الوحيدون حدّ الفزع؛ الفزع  الذي يُشبِه ذلك المشهد المسرحي الذي كتبه “سيد الوكيل”  للشابّة التي كانت تنزف في الجامعة.
كتبه هكذا: (ثمة فتاة تنزف وتصرخ، بجوارها طفل ذكَّرني بذلك الذي كان في حجرة الأشياء المنسية، وثَمّ شاب يحاول أن يصل إليها) (رحتُ أصرخ في الجميع…. لكنّ أحدًا لم يسمعني، إنّهم لا يسمعون صوتي، ولا يرون بركة الدماء…. فقط شابّ وحيد يدور حول بركة الدم. … صرخت فيه أيّها الشابّ أوقف هذا النزيف).

الأديب المصري “سيد الوكيل

لكنّي شعرت أنّه لا يصرخ في هذا الشابّ، بل في  نفسه، ووجدت هذا الشابّ الذي يصرخ فيه لينقذ الفتاة كأنّه يخرج من داخله وكأنّهما يتبادلان المشهد مثل الجسد وظلّه، وأنّ هذا النزيف نتيجة شيء غامض تخفيه “هدى كمال”، وأنّ هذا الطفل الذي يظهر أمامه ويختفي مثلما تفعل معه هدى كمال، يذكّره بماضٍ حاول نسيانه وأراده أن يذهب، لكنّه لم يذهب، ربما لأنّه حزن لكونه خارج المشهد، لكنّي شعرت في هذه القصّة أنّ كلّ شيء حقيقي، وبرغم أنّ شخصية  “هدى كمال” تظهر وتختفي في كتبه، فليس بالضرورة أن تكون شخصية حقيقية عاشت في حياته الخاصّة، فلقد كان الإهداء في بداية الكتاب هكذا (إلى الصبي الذي قرأ الشوارع والوجوه)،فضلًا عن أنّ “سيد الوكيل” فنان تشكيلي يرسم الوجوه تحديدًا، ربما تكون شخصية “هدى كمال” بُنِيَت على وجه رآه أو تخيله فرسمه وتعلق به، فجعل له جسدًا يتحكّم في حياته وحياتها، لا أعلم كيف رسمها على هذا النحو، لقد صنع منها بطلة ترافقه في مسيرته الإبداعية، حتى أنّه جعلها تشاغل القارئ باختفائها وظهورها غير المسوّغ بين السطور، فمن خلال كتاباته عنها حين أنظر إليها  من بُعد أجدها في لوحة بجسد حارّ حدّ الإثارة، ومتجمد حد الموت، مثل المرآة المكسورة من بداية رسمه لها في مجموعته القصصية (أيام هند)، لوحة حزينة لكنّها جميلة حقًّا، رسمها “سيد الوكيل” لكنّه لم ينته منها بعدما ظلّ يضيف الرتوش والألوان كأنّ شيئًا لا يرضيه داخل اللوحة، لكنّ الجميل أنّ الشخصية تتجسّد أمامه كأنّها تشعر به، فتأتيه حين يحتاج أن يتطلّع إليها، لذا أنا لا أجد غيره بطلًا أمامي لهذه الكتابات، فكيف استطاع تقمُّص كلّ تلك الأدوار لشخصياته؟ ولماذا تظهر وتختفي أمامي صورة ذلك الطفل الذي تعلّقت في ذهني مذ تركته أمه في البلدة لتذهب إلى العاصمة  في رواية ” شارع بسادة”؟ يبدو أنّ هذا الطفل الذي تكوّن من الوحدة هو البطل نفسه الذي  صار رجلًا ستينيًا يتلقّى قرار إحالته إلى المعاش في قصّة “حجرة الأشياء المنسية”.
أحبّ أن أشير إلى أنّ كلّ ما بين الأقواس من بداية ما كتبت هو من كتابات “سيد الوكيل” في قصّة “حجرة الأشياء المنسية”.
وقد بدأ فيها الكتابة بهذا الشكل (تركت  شيئًا مهمًا في درج مكتبي، هذا ما كان يلحّ عليّ وأنا في طريقي إلى البيت.. هاجس لم أتمكّن من السيطرة عليه، ولم يكن ثمة طريقة للخلاص منه سوى أن أعود وأتأكّد ما الذي نسيت).
كان يحكي عن مرحلة من أصعب مراحل العمر، وهو المدير بإحدى المؤسّسات الحكومية، فيتلقّى خبر قرار التقاعد لوصوله إلى عمر الستين بعدما عمل ثلاثين سنة في ذلك المكان.
* وقد تُجبرنا الحياة أحيانًا على الانتماء إلى وظائف لا نرغبها،  لكنّنا نقبل بها، عندما لا يكون لدينا هذا الكمّ من رفاهية الاختيار، وحين يكون أمام الإنسان اختيار واحد في العمل، فبالطبع سينفّذ هذا العمل بشكل إجباري، إنّ الإنسان بلا عمل يُعرف به نفسه و يكسب منه بلا قيمة ولا احترام  في نظر الجميع، كما أنّه سيصبح تحت سطوة الاحتياج ، لذا تجبرنا الحياة أحيانا أن نعمل كما الآلات، برغم ذلك يمكن للإنسان أن يجد نفسه قد ارتبط بهذا العمل بحكم العادة، وحين تنتهي مدّة عمله يتذكّر اليوم الأوّل الذي قَبِل فيه بعمل يمقته، لكن على الرغم من ذلك فتغيير  ثلاثين سنة ليس بالأمر الهيّن، ممّا يربك حياة الإنسان .

*ولأنّ الماضي لا يمكن تجاهله، فحين ذهب البطل مع عامل المصعد ليبحث عما نسيه بـ”حجرة الأشياء المنسية ” رأى ذلك الطفل داخل الحجرة.. انظروا كيف كتب “سيد الوكيل” المشهد: (انفتح الباب من غير أن نطرقه، فإذا بطفل وحيد في الداخل، سألت عامل المصعد لماذا تضعون طفلًا وحيدًا في حجرة الأشياء المنسية، لكنّه لم يرد، عندئذ لاحظت أنّ الطفل لم يأبه لوجودنا، لم يلتفت إلينا أصلًا، كنت أصرخ في عامل المصعد، فيما هو ظلّ منهمكًا في رسم صورة لشخص يشبهني)، كان المشهد مدهشًا حينما تطلّع الماضي في وجه الحاضر بالتجاهل نفسه الذي حاول دائمًا أن يعامله به كي لا يُجرَح.
كان عامل المصعد الذي رافق البطل مثل خيال ساخر في مشهد مسرحي، لقد اهتمّ سيد الوكيل بالصوت والصورة والإضاءة، فبدا المشهد مشهدًا مسرحيًا مرتّبًا ومكتملًا، بالتحديد بعدما لم يجد البطل شيئًا يخُصّه في الداخل، وكان العامل يشير إلى الجاكت الذي يرتديه، ويقول إنّه هو نفسه المعلّق على المشجب، ويخصّ شخصًا أحيل إلى التقاعد، وإنّ الجاكت مصنوع من لفائف الكتان، حتى أن رائحته عالقة بالجاكت .
يقول البطل :(خرجت مسرعًا يغمرني إحساس بالعدم، هل تلك كانت رائحتي، تلك رائحة تصلح لأيّ شيء قديم).
وهنا وجدت ارتباطًا بين ما فعله الموظّف الذي اعتاد حياة الآلة، وبين ما حدث مع “هدى كمال” مع ذلك الرجل الذي أدمنت الصعود إليه، فأحيانًا يعتقد الإنسان أنّه مجبر على شيء، ولا يدرك أنّه اعتاده.
* بالطبع لم تنته القصّة على خروج الموظف من مقرّ عمله بيأس العالم، فبمجرّد خروجه من المبنى وجد غرفة عالية في مواجهة المبنى، لكنّها من الزجاج. يقول:(في مواجهة المبنى رأيت حجرة كبيرة من الزجاج، وثمة سرير مرتفع تنام عليه امرأة شبه عارية…… الحجرة التي احتضنت فيها “هدى كمال” لم تكن من الزجاج، كانت حجرة عادية من الطوب والإسمنت، وبلا نوافذ فحفظت سرّنا).
“هدى كمال” ثانية.. الأمر الغريب أنّه يذكرها دائمًا وهي عارية بين يديه، وهذا يعني أنّ ارتباطه بها، وارتباطها به، كان ارتباطًا جنسيًا، فبدا مهووسًا بها، إنّ لغة الجسد من الصعب تفهُّمها، فليس بتلك السهولة يمكن أن يجد الإنسان الجسد الذي يتفهّم طبيعة واحتياجات جسده وعلى الرغم من أنّ هذا لا يكفي، إلّا أنّ الإنسان أحيانًا يقنع نفسه أنّه يكفي، فنقصان هذا الاحتياج الجسدي قد يزعجه ويشعره بنقص كبير في حياته.. مثل النقصان الذي شعر به عندما وجد زوجته لا تهتمّ بما يكتب، ولا كيف يفكّر، وحين سألها لم تتردّد، وقالت له بفظاظة: “أنا لا أفهم قصصك “هذا كان في مجموعته القصصية “أيام هند”، وهذا يؤكّد أنّ كلا الأمرين يصعب أن يجتمعا بإنسان واحد.
وإذا تحدّثنا عن تلك القصة التي كتبها بعنوان “كان محتاجًا لمن يسكب قهوته”، فلقد شكّلت تلك القصّة شخصية “هدى كمال” حتى لكأنه نفخ في تلك الشخصية الروح، وبدا كلّ ما يكتبه كأنّه حدث بالفعل، منذ ذلك اليوم الأسود الذي لا أعلم لماذا صعدت فيه إلى سطح المدرسة، وتَعَرَّت تجاه الشمس حتى بدت شخصية مشاكسة حقًا، لكنها في كلّ الحالات تعتبر طفلة، فقد كانت تقريبًا في الثانية عشر من عمرها، وما تلك الحيوانية التي جعلت “فرّاش” المدرسة عبد الرحمن يراها فيطاردها ويحاصرها في غرفة أعلى السطح ويهدّدها بمُدية، ويغتصبها كلّ يوم؟!
لكن الفكرة هُنا.. لماذا كلّ يوم؟ لقد كان حادثًا وانتهى،  لماذا ظلّ يتكرّر هكذا؟ هل لصغر سنّها اقتنَعَت أنّها مجبرة على هذا الاغتصاب اليومي، ثم استعذبت هذا؟! أعني أنّها أحبّت أن تكون شخصية لها حكاية وسرّ، وتكون من داخلها قد أحبت الجنس، ولم يكن أمامها غير هذا “فرّاش” المدرسة؟ لا أعلم.. شخصيتها محيّرة لدرجة أنّها تحير “سيد الوكيل” نفسه، حتى أنّه إلى اليوم لم يكتب رواية كاملة عنها ، وهذا شيء جميل، أن يصنع الكاتب شخصية، ثم يجد نفسه متورّطًا بها، يريد أن ينهيها، ولا يعرف، وربما لا يرغب.
أجد القصة مثل شجره خريفية، شخصياتها تتساقط ،بجوار جذورها الثابتة في الماضي.
هل يتحدّث “سيد الوكيل” عن الاعتياد وما يفعله بالبشر؟
* إنّ حياة الشخصيات في هذه القصة تعيد القارئ إلى قصص وروايات سابقة ل “سيد الوكيل ”

*مثل  رواية “الحالة دايت”، حيث مرض الأب، وليلقى الرعاية بانتقاله رغما عنه إلى بيت ابنه، حينها وجد نفسه في غير مكانه، ولتعلّقه ببيته القديم ظلّ يذكر أشياء متعلّقًا بها في البيت، وبرغم أنّ كلّ ما أراده أحضره له ابنه، إلّا أنّ مشكلته أنّه يريد أن يعود إلى مكانه الذي عاش فيه طيلة حياته، ولأنّه لم يتمكّن من ذلك ظلت تزداد صحّته المتدهورة سوءًا بسبب القهر النفسي لعدم الإمكانية في العودة.
* إنّ كمّ المشاعر التي شعر بها هذا الرجل الستيني بطل “حجرة الأشياء المنسية” عندما وصله قرار التقاعد،  تشبه مشاعر الأب لتركه لبيته في رواية “الحالة دايت”.
حتى إنّ الطفل الصغير الذي يلازمه دائمًا اعتقد أنّه تكوّن من حالة  الاحتياج الموحش، وهذا الحلم ظلّ يتكرّر معه بينما، كان  يتذكّر الأب وهو يطوّحه في الهواء وهو صغير، ثمّ يتلقّفه بيديه الكبيرتين، فلا يسقط، لكنّه صار يرى نفسه بعد ذلك يسقط من مكان عالٍ ويهوي أرضًا، إنّه يضع بطله في إشكالية مع مرحلة الطفولة يخايلني ذلك المشهد الذي ماتت فيه الأمّ، بينما يطلّ من الشرفة فيجد أطفالًا يلعبون يقول (كنت أراني طفلًا بدينًا برأسٍ أصلع ووجه عجوز، ثم غمرني شعور طفل يجلس بجوار نافذة في قطار، ينظر إلى الأمام، ولكنّه يرى كلّ شيء يجري إلى الخلف، وهكذا يكون الإنسان عندما تُفَرِّغه الحياة من الداخل.
* لكن “هدى كمال” تفرض نفسها دومًا في كلّ الظروف، فتشدّنا من رواية “الحالة دايت” إلى “حجرة الأشياء المنسية”.
فيعود مجدّدًا ويقول (لكنّي متأكّد أنّي تركت شيئًا هناك أعجز عن تذكره)، هل هي صورة “هدى كمال”؟ تُرى هل هي الصورة نفسها التي قال لها حينما رآها مثلما قال لها المصوّر: (تشبهين غزالًا تخلّص للتو من مطارديه) في “كان يحتاج لمن يسكب قهوته”؟
يالهذا الرجل أراه محاطًا بالعجز حينما يذكر اسم تلك المرأة غير الموجودة، برغم ذلك، أجده لثلاثين سنة يحتفظ بصورتها، لكنّه يذكر أنّه كان يخفيها تحت ملفّات قرارات الترقية وعقوبات الشؤون القانونية لأكثر من عشرات الموظفين، كأنّه يعني من ذلك أنّ تلك المرأة كان بيدها رفعه للسماء، وفي الوقت ذاته كان وجودها وغيابها المزمن عقوبة لشخص واحد لا يحتملها أكثر من عشرة رجال، هو دائمًا يذكرها حتى  صارت في ذاكرته ودمه  مثل اللعنة.
* هناك أشياء وشخصيات وأحداث تُكوِّن حياتنا، وتسيطر علينا، وإذا حدث واختفت إحداها هكذا فجأة نجد ماضينا يتشبَّث بحاضرنا بشكل مربك قد ينهك قوانا العصبية، فنعيش حياتنا على أمل أن نعرف.
* لذا يمكنني القول بأنّ (حجرة الأشياء المنسية) هي عبارة عن علامة استفهام تنتظر الإجابة.. إنّها ممتلئة بالتَّخلّي والتجاهل لشخصٍ يمثل أشخاصًا عديدة في الحياة، فضلًا عن أن المشاهد التي وضعها “سيد الوكيل” داخل هذه الحجرة تركّز تمامًا على الصورة والصوت والضوء وكيفية وضع الخيال بمشهد ساخر من الحقيقة.. إنّها مثل مطاردة من الماضي للحاضر، واستسلام الحاضر للماضي، لكن كيف سيتعامل ذلك الإنسان الذي تكون من الوحدة مع الواقع وكيف استطاع البقاء كل تلك السنوات وكأنه شيء منسي وهل يستطيع الإنسان أن يبدأ من جديد بعد فقده لكل الأشخاص والأشياء التي أحبها بشكل طبيعي بينما الحياة والعدم لا يليقان ببعضهما ؟
*أعود وأتسائل تُرى هل سيكتب سيد الوكيل ثانية  عن شخصية ” هدى كمال” كيف ستكون صورتها هل سيضعها مع بطله في مواجهة هل ستكون قصة أم ستكون رواية وهل سيظل هذا الطفل يرافقه في كتاباته؟.

*أحب أن أُضيف أن أكثر من شخصية في الكتاب  تكرر ظهورها في الأعمال السابقة للكاتب ،وأُشير إلى أنّ “حجرة الأشياء المنسية” هي قصّة مكوّنة من ست صفحات وهي من كتاب “مثل واحد آخر” أحدث إصدارات الأديب المصري “سيد الوكيل”، وهو كتاب من القطع المتوسّط، مقسّم إلى أربعة فصول، تحتوي  22قصة، عدد الصفحات 150صفحة، صدرت عن دار ” ميتا بوك ” في العام 2023.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشر المقال في جريدة الوسيط المغاربي /الجزائر

عن الخبر ال واي

شاهد أيضاً

رحلة في رواية/ رحلة إلى ذات امرأة

رحلة في رواية/ رحلة إلى ذات امرأة بقلم: زياد جيوسي     “رحلة الى ذات امرأة” …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *