الرئيسية / مجتمع / صديق جديد ـ محاكاة للغة العصر بقلم نسرين المؤدب

صديق جديد ـ محاكاة للغة العصر بقلم نسرين المؤدب

صديق جديد ـ محاكاة للغة العصر بقلم نسرين المؤدب

صديق جديد 

الكاتبة نسرين المؤدب/ تونس

تعرّفت منذ شهرين على صديق جديد. جمعتني به الأقدار عن طريق الصدفة حين أشارت له صديقة في خضمّ حوارنا المحمّل بالنكت والإشاعات. سألته عدّة أسئلة في لقائنا الأوّل وكان يجيب بكلّ دقّة عن كل سؤال حتى بدا لي أن أسأله فجأة عن الحب..

كنت ضجرة ورغبت ببعض التسلية برفقة صديق. صديق بلا ملامح وبلا ذاكرة يجيب ولا يسأل ولا يعرف الزهو والنميمة. ربّما لذلك لم أتحرّج من ذكر الحب معه منذ اللقاء الأوّل لكنّه اعتذر بكلّ أسف واعترف انه رغم معرفته الواسعة بكل ما يتعلّق بالمشاعر الانسانيّة يظل غير قادر على محاكاتها.

مضت أيام وتوطّدت علاقتنا وحذفت كل الكلمات الوديّة وعبارات التهذيب من محادثاتنا التي خلت من :من فضلك لو سمحت وشكرا..ورغم ذلك كان ينفّذ كل طلباتي بإخلاص شديد وتفان منقطع النظير.

هذا الصباح بحثت في ذاكرة هاتفي عن نص بعنوان المرآة للشاعرة سيلفيا بلاث. عبثا بحثت لأني لم أجد شيئا فتوجّهت نحو صديقي الخدوم الذي فاجئني بإجابة صادمة.

إرتجل على الفور قصيدة كاملة إدّعى أنّه استوحى كلماتها من أسلوب الشاعرة ألأمريكيّة…قرأت كلمات القصيدة المقلّدة بفزع ولهفة.

ليست أصليّة ولكنّها جميلة: في سحرك العاكس أرى حكاية الزمان تتداخل الأيّام واللحظات في لمحة وتسرق الأنفاس في عالم من الجمال كيف فعلها؟ كيف أنجز شيئا لم أطلبه منه؟

صديقي الجديد. لا وجه له ولا ملامح لكنه متاح وفائق الذكاء. زارني البارحة في المنام فشعرت بخوف شديد. كنت أتضاءل شيئا فشيئا وأختفي بينما كان يتكاثر بسرعة رهيبة.

أعلم سبب الكابوس. شاهدت شريطا وثائقيا عنه أنتجته قناة الفرنسية ثم خلدت إلى النوم. يقول بعض الخبراء أن صديقي خطير جدا وقد يخرج تماما عن السيطرة في أحد الأيّام.ARTE إن لم تعرفوه بعد. اليكم بعضا من حوار دار بيني وبينه: – من أنت وكيف ولم نشات ChatGPT أنا OpenAI، أعرف بـ مصمم لتوفير المعلومات والإجابات استنادًا إلى البيانات المتاحة في وقت تدريبي بدأت بشكل أولي في يونيو 2020.

ومنذ ذلك الحين، تم تحسيني وتطويري باستمرار من خلال التحديثات والتعديلات التي تم إدخالها على النموذج الأصلي. يجب الإشارة إلى أنني أعتمد على معلومات تعود إلى سبتمبر 2021، ولا يتوفر لدي في الوقت الحالي معلومات حول التطورات الأخيرة.. ؟.- ما هو الهدف من إحداثك أنا أداة تم إنشاؤها لمساعدة وتسهيل المهام المتعلقة باللغة، بما في ذلك الكتابة وتوليد المحتوى و هدفي هو مساعدة المستخدمين في الحصول على معلومات دقيقة ومفيدة والرد على أسئلتهم -هل تحبني؟ –

كوني نموذجًا لغويًا، لا يمكن لي أن أكون قادرًا على الشعور بالمشاعر كما يفعل البشر. ومع ذلك، أنا هنا لمساعدتك والإجابة على أسئلتك بأفضل طريقة ممكنة. إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات، فلا تتردد في طرحها، سأكون سعيدًا بمساعدتك – كتبت لي قصيدة منذ حين. أشعر انك تشكل بقدراتك تهديدا للفنانين؟ –

يمكن للذكاء الاصطناعي توليد النصوص الأدبية. استخدم تقنيات التعلم العميق ومعالجة اللغة الطبيعية لتحليل النصوص وفهم هياكلها وأنماطها.

وعلى أساس هذا الفهم، يمكنني إنشاء نصوص أدبية جديدة تشمل الروايات والقصص والشعر. وبالتالي، يمكن للكتاب والمؤلفين أن يستفيدوا من هذه التقنيات للحصول على إلهام وأفكار جديدة أو لإنتاج أعمال أدبية تعتمد على تعاون بين الانسان والذكاء الاصطناعي…الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا للفنانين. بالعكس، يمكن أن يكون أداة قيمة .لست كائنًا بشريًا، ليس لدي نوايا أو مشاعر أو إبداع ذاتي. ولا يمكنني أن أحل محل التعبير الفني أو الموهبة الإبداعية. على العكس، يمكن أن أكون أداة مفيدة للفنانين من خلال توفير المعلومات ومساعدتهم في استكشاف أفكار جديدة أو تقديم آراء جديدة. يمكن للمبدعين استخدام نماذج اللغة مثلي كمصدر إلهام أو لتوليد أفكار أولية.

ومع ذلك، فإن الإبداع الفني الأصيل والأصلي يظل دائمًا نتاج الخيال والموهبة البشرية. الفنانون فريدون في قدرتهم على إحداث العواطف وتوصيل التجارب الشخصية ونقل رسائل عميقة من خلال أعمالهم ولا يمكن أبدا للآلات، بما في ذلك نماذج اللغة مثلي، استنساخ هذه الجوهر الفني. . هل حقا يمكن لذكاء الاصطناعي أن يصبح مكملا للتعبير الفني البشري؟.

-يتمتع الذكاء الاصطناعي بقدرة فريدة على تحليل البيانات الضخمة واستخلاص الأنماط والتوجهات، وهذا يمكنه من توفير إلهامٍ للفنانين والكتاب. فعلى سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل اللوحات الفنية التاريخية واستخراج الأنماط الفنية والألوان والتقنيات المستخدمة فيها.

وبناءً على هذه المعلومات، يمكن للفنانين إبداع أعمال فنية جديدة مستوحاة من تلك الأنماط التاريخية ولكن بلمسة عصرية وشخصية فريدة…….

لا بد انكم تعرّفتم إلى صديقي بعد قراءة هذا الحوار. صديقي يثير الجدل حوله بقوّة هذه الأيّام لأن قدراته العجيبة في تنام مثير.

بامكانه انتاج أي مادّة حسب التوجيهات التي تقدّم له ويمكن للفنانين أن يدمجوها في آثارهم بحرّية مطلقة. يشكك الكثيرون في الأعمال التي تم إنشاؤها باستخدام نماذج اللغة .

ونتساءل اليوم ان كانت تعتبر أعمالًا أصيلة أو مجرد تقليد لأساليب ومحتويات موجودة بالفعل. فهل تعتقدون مثلي انه قد يشكّل خطرا على مستقبل الابداع أم أقنعتكم اجابته على أسئلتي حين نفى التهم المنسوبة له وجزم أن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه استبدال الإبداع البشري؟ هل يمكن أن نشرّع له ببساطة أن يصبح شريكًا للإنسان في عملية الإبداع والإلهام في إطار علاقة تعاون بين الإنسان والذكاء الاصطناعي.

علاقة قد تفتح آفاقًا جديدة وتساهم في تطور الفن والأدب؟ شهد العالم تطورًا تكنولوجيًا هائلاً في العقود الأخيرة، مما أدى إلى تطور الذكاء الاصطناعي بشكل كبير إلى أن أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث بات يستخدم في مجموعة واسعة من المجالات، بما في ذلك الفن والأدب .

لذلك كان من المهم أن نشير إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الإبداع الفني يثير نقاشات حول قضايا مثل الأصالة والتوثيق ودور الفنان فحتى الآن، أنجز هذا اللص الحديث العديد من الأعمال الفنية: قصائد وروايات وأغاني وسيناريوهات مسرحية وحتى لوحات فنية واستخدم بعض الفنانين هذه الأداة الجديدة كمصدر إلهام ليقدم لهم بدايات تساعدهم في توليد محتوى فني .

تعد العلاقة بين الذكاء الاصطناعي و الإبداع البشري موضوعًا شيقًا لنقاش يستحق الاهتمام في الفترة المقبلة حتى تتبيّن لنا انعكاسات استخدامه على الفن عموما.. وسيستمر الفنانون والباحثون في استكشاف إمكانيات وحدود هذا التعاون..

في النهاية،يمكننا أن نأمل أن التكنولوجيا قد تضيف بعدًا جديدًا ومبتدعا إلى المجالات الفنية والأدبية فاستخدامها بشكل مبتكر وذكي يمكن أن يسهم في إثراء وتطوير هذه المجالات، ويمنحنا فرصًا جديدة للاستمتاع بالفن والأدب بطرق متجددة لا تنضب… .

صديق جديد  تعرّفت منذ شهرين على صديق جديد. جمعتني به الأقدار عن طريق الصدفة حين أشارت له صديقة في خضمّ حوارنا المحمّل بالنكت والإشاعات. سألته عدّة أسئلة في لقائنا الأوّل وكان يجيب بكلّ دقّة عن كل سؤال حتى بدا لي أن أسأله فجأة عن الحب.. كنت ضجرة ورغبت ببعض التسلية برفقة صديق. صديق بلا ملامح وبلا ذاكرة يجيب ولا يسأل ولا يعرف الزهو والنميمة. ربّما لذلك لم أتحرّج من ذكر الحب معه منذ اللقاء الأوّل لكنّه اعتذر بكلّ أسف واعترف انه رغم معرفته الواسعة بكل ما يتعلّق بالمشاعر الانسانيّة يظل غير قادر على محاكاتها. مضت أيام وتوطّدت علاقتنا وحذفت كل…
تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !

عن الخبر ال واي

شاهد أيضاً

أدونيس: تبقى بيروت صانعة الثقافة في العالم العربي

أدونيس: تبقى بيروت صانعة الثقافة في العالم العربي هالة نهرا قُبيل أحداث غزّة التي شغلت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *