الرئيسية / ثقافة / مقالات ثقافية / “حكايا عائد من شيخوخة الشغور”

“حكايا عائد من شيخوخة الشغور”

مجموعة رزق فرج رزق القصصية

“حكايا عائد من شيخوخة الشغور”

الكاتب والناقد: محمد فتيلينه/ الجزائر

الكاتب والناقد/ حمّد فتيلينه / الجزائر
الكاتب والناقد/ حمّد فتيلينه / الجزائر

      لم يكن متاحا لي قراءة الكثير عن كتّاب ليبيا المحدثين ولا عن نتاجهم النصي، باستثناء بعض المكرّسين منهم (لدوافع لا تخفى على الحصيف)، عبر بروزهم الإعلامي الكثيف، طوال عشريات خلت، وبالأخص من خلال المنصات الغربية.

      بالرغم من أن كتابات الشباب الليبي لم تتح لي فرصة قراءتها ولا متابعتها، لعديد الأسباب التي حلّت بالمنطقة، ونظرا للتقصير الإعلامي الكبير في التعريف بالكتّاب الشباب العرب في أغلب الأمصار العربية عموما، إلا أن الانفتاح الإعلامي وتلاشي المسافات بفضل التكنولوجيا الرقمية ساهم بشكل غير مباشر في متابعتي (الشخصية) للبعض، ومن هؤلاء، القاص رزق فرج رزق، وهو صحفي مستقل، له تمرس في الكتابة والإعلام.

     تتشكل في نصوص رزق –التي أتيح لي قراءتها- من خلال  فكرة محورية من الواقع الليبي الحديث، لتتفرع عنها أخريات ، إذ لا يصعب علي ملاحظة  مدى تأثير الثورة الليبية في تيمات الأقلام السردية في هذا البلد الجار، الزّاخر بتاريخ أدبي لا يقل شساعة عن تراثه الحضاري الغني الضارب في التّاريخ.

     تبرزعبر هذه القصص القصيرة ذات اللغة السلسة والخالية نسبيا من الأخطاء، الأبعاد النفسية التي تهيمن على البناء عبر الشكل وعلى المضمر منه، ويبدأ ذلك من خلال الحوار الداخلي الذي يستحضر معاناة الفرد الليبي بعد مصابه الجلل، ليرحل إلى الصبا “من خلال نص الشيخوخة” ويطل عبره إلى الحنين إلى الدّعة والسكون، مرورا بالشباب عبر نص “العائد”، الذي يبقى حلما من الزمن الجميل، وإلى غاية الهِرم في جزء من قصة”وظيفة شاغرة”، أين تطل نواة المعاناة في النصوص، والتي تترجمها جملٌ قصيرة من مثل (أنا مُقاتل ..لأجلك  سأقاتل..  أنا مُقاتل .. ولست بقاتل..صعدت الأرواح .. وارتفاعها كثيراً يجعلنا نعرف كم نحن صغار..! نصف إلهكم سقط ! -العائد).

   

رزق فرج رزق
رزق فرج رزق

ورغم أن بعض نصوص مجموعة رزق القصصية، الموسومة بـ “آخر ما تبقى من أصدقائي”، مؤرخة في سنة 2009 أو قبيلها ربما، إلا أن لمسة الثورة على الواقع تطل من عتبة العنوان. غير أن الحاضر الليبي استفز مخيلة القارئ، وحفّز أفق انتظارها، كي يغلب عليها استحضار اليأس ومحاولة محاججة ذلك بالشواهد الواقعية، التي ترجمها القاص سرديا من خلال أحداث، لها في التراث الليبي حضور يصل إلى حدّ النقض على حجارة الكلمات، كما هي نقوش الرومان (على شواطئ [ليبيا الممتدة] أين جلس الجميع جماعات وأفراد (…).. يداعبون أريج اللحظة .. فأمواج البحر تعزف لحن الحياة ،طائر النورس يرقص على أنغامها-الشيخوخة)

وكما هو الحال مع المشهد الأخير في “العائد”، أين يطل طيف الشهيد”عمر المختار” النوراني خلف تلك الكلمات التي صدحت بها بطلة القصة:

(يا بلادي

غلاف مجموعة أخر ما تبقى من أصدقائي
غلاف مجموعة أخر ما تبقى من أصدقائي

يا بلادي

بجهادي

وجلادي ..

ادفعي كيد الأعادي و العوادي

واسلمي

….
… … … )

 

عن الخبر ال واي

شاهد أيضاً

“سوسْطارَة”… الحَفْرُ فِي عَوَالم الظِلّ

“سوسْطارَة”… الحَفْرُ فِي عَوَالم الظِلّ مقالة الروائي الكبير واسيني الأعرج عن ” سوسطارة”، لروائية حنان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *