الرئيسية / ثقافة / مقالات ثقافية / نحن رماد الأرض ! مقالة للكاتبة ناتالي الخوري غريب

نحن رماد الأرض ! مقالة للكاتبة ناتالي الخوري غريب

نحن رماد الأرض* !

الكاتبة ناتالي الخوري غريب / لبنان
الكاتبة ناتالي الخوري غريب / لبنان

كيف لنا أن نبحث عن معنى وسط كلّ هذا الهباء؟! وقد صار لإحساسنا بما حولنا وجه الرماد. كيف لنا أن نبحث عن معنى وقد استقالت حواسنا من دور الإدراك ولا همّ أن سخرت المدركات من تبادل الأدوار؟ 
 هل للمعنى أن يختبئ في كهوف بعيدة أم أنّنا قد خسرنا آخر ذرّة من وعينا بذواتنا وتاليًا ما حولنا؟ هل للمعنى أن يلعب لعبة الحجب والكشف؟! أمّ أنّ الرماد يتوه في انحناءة الظلال؟!
 نحن رماد الأرض! نعم! هذا ما أعلنه بطل مكسيم غورغي الأديب الروسي في روايته”أين الله” حاملًا إجابة العدم، حين كان بطله يبحث عن معنى لوجوده وغايته، في الروح، في الألوهة، في الشرائع، في قوّة الشعب! هم المهجوسون الباحثون عن معنى في حياتهم وكتاباتهم في كل عصر! هذا ما كان ياسوناري كواباتا الروائي الياباني يبحث عنه في رواياته، في الرسم، في الكتابة، في العشق، ليبعد عن أبطاله شبح الانتحار الذي هدّد حياته وأنهاها، هذا ما كان يبحث عنه الأفغاني عتيق رحيمي في روايته “ملعون دوستويفسكي” متوهّما جريمة اقترفها تماهيًا مع بطل الجريمة والعقاب، ليبحث عن معنى لجريمته، معنى للعقاب، في وسط هذا الموت المجاني الذي لا معنى له في أفغانستان. هذا ما بحث عنه الطيّار والأديب الفرنسي أنطوان دي سانت إكزوبيري في كتابه “أرض البشر”، وقد كان معلّقًا بين الأرض والسماء، مدركًا أنّ المعنى كامن في العودة الى البساطة وأن يتحرّر من الحبل الذي يربطه ببطن الأرض.
 هذا ما يبحث عنه أيضًا الأديبان المعاصران المهجوسان بقلق المعرفة والكتابة بحثًا عن معنى للحياة للكلام للحرف، بالإيغال في عمق الكيان والروح والذات والآخر، سمير اليوسف في روايته”الشاعر يقترب” وعباس النابلسي في مجموعته الشعرية”تأويل الهباء”. أليس هذا ما يبحث عنه أيضًا الكاتب العراقي برهان شاوي في رواياته المعنونة بالمتاهات، من آدم إلى حوّاء وإبليس والعميان وغيرها، باحثًا عن المعنى الكامن خلف الصراعات البشرية من أوّل التاريخ إلى اليوم. الأمثلة كثيرة وهي هنا على سبيل المثال لا الحصر، إظهارًا لكونية همّ البحث عن معنى في لعبة الظلال.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نُشر بجريدة الأنوار ، عدد الخميس /2/2/2017

عن الخبر ال واي

شاهد أيضاً

“سوسْطارَة”… الحَفْرُ فِي عَوَالم الظِلّ

“سوسْطارَة”… الحَفْرُ فِي عَوَالم الظِلّ مقالة الروائي الكبير واسيني الأعرج عن ” سوسطارة”، لروائية حنان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *