الرئيسية / ثقافة / مقالات ثقافية / الدائرة في عمقها اللغوي الفلسفي والتشكيلي..

الدائرة في عمقها اللغوي الفلسفي والتشكيلي..

الدائرة في عمقها اللغوي الفلسفي والتشكيل

الكاتبة سعاد ميلي / المغرب 

الكاتبة سعاد ميلي/ المغرب

    الدائرة نبض حقيقي لعدة قضايا إنسانية.. إنها الإيمان بالقدر خيره وشره، وحياة مليئة بدائرة من الألوان، تحيلنا إلى عدة دلالات تشكيلية و فلسفية وجودية.. حيث نجد أنفسنا محاصرين داخلها، و نسعى جاهدين للخروج من دوامتها، لكننا لا نستطيع.. فهي تتشكل لدينا من عدة متضادات، لا غنى لنا عنها.. مثلا الماضي والمستقبل، البداية والنهايـة..

     وهي كذلك تناسب في رمزيتها تطلّعات الفنان التشكيلي خاصة، وهذا من ناحية إدخال رمزيتها في لوحته التشكيلية بكل مدارسها و ألوانها ودلالاتها المختلفة..

    الدائرة لغة تعني الهزيمة و السوء و الشر الكبير.. و قد تنذر أيضا بالتشاؤم والحظ المتعثر.. وأستدل رأي هذا، بقوله تعالى في قرانه الكريم””وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.. (التوبة آية 98)

     حيث أننا نجد الآية الكريمة فسرت الدائرة بالشر العظيم الذي سينال المنافقين من الأعراب فسوف تدور الدائرة عليهم وينالون جزائهم بأشد العقاب.. وكما قال الشاعر.. في إحدى المقولات التي لا تموت:

     قضى الله أن البغي يصرع أهله * وأن على الباغي تدور الدوائر

     وقد تعني الدائرة أيضا التناغم والانسجام و نمط التوحد في معناها الميثيولوجي فهي في رمزها الأسطوري تعتمد على فكرة الارتباط والتكامل وليس الانفصال بالتأكيد..

     تعتبر الدائرة في معناها الفلسفي، دوامة لا متناهية من الاكتشافات، ممتزجة بطعم الحياة الغامضة و الممزوجة بالقدر المحتوم، إنها لحن فلسفة الحياة الدائرية، فنحن لا نجد أنفسنا منها إلاّ إليها، ثم إلى أنفسنا ذاتها، و بمعنى آخر تدور بنا الدائرة مرة أخرى لننتهي إلى نفس النقطة التي ابتدأنا منها..

فلسفة الحياة، تتضمنها فلسفة الأشياء في الواقع، حيث تحيلنا إلى مزيج من الدلالات الفلسفية الميتافيزيقية، والمعرفة الكونية..
دائرة الألوان هي دائرة فنية جمالية، تنقسم إلى أجزاء، وكل جزء منها لديه درجة معينة من الألوان، حيث تشمل الألوان الأساسية، و تحدد درجات كل لون فرعي بين كل لونين أساسيين منها..

و تنقسم الألوان الأساسية إلى ثلاث أجزاء متساوية، وهي:

اللون الأحمر، واللون الأصفر، واللون الأزرق.

وتتفرع عنها ألوان :

اللون البرتقالي والأخضر والبنفسجي

وألوان محايدة

 الأبيض والأسود والرمادي..

     وألوان مكملة لألوان أساسية أي تظهر قوة اللون الأخر:

    بمعنى آخر : اللونين المتقابلين في دائرة الألوان ( الأصفر والبنفسجي/ الأحمر والأخضر/ الأزرق و البرتقالي )

   في النهاية، إن ما يجعلني أتعمق في هذه الدائرة وأقتحم أغوارها لغويا فلسفيا وتشكيليا ولو بصيغة مختصرة، هو انجذابي كفنانة تشكيلية تهتم برسم الدائرة، وهذا راجع لمعانيها العميقة والغامضة في آن واحد، فهي قد تكون الشر والخير معا، قد تكون الحياة والموت..

   إنها في رأي نبض الإنسان وحالة من التضاد الكوني في داخله، و طبعا نكتشف في النهاية أن الدائرة منا وإلينا ولا مجال أن نخرج من دائرتها..

عن الخبر ال واي

شاهد أيضاً

“سوسْطارَة”… الحَفْرُ فِي عَوَالم الظِلّ

“سوسْطارَة”… الحَفْرُ فِي عَوَالم الظِلّ مقالة الروائي الكبير واسيني الأعرج عن ” سوسطارة”، لروائية حنان …

تعليق واحد

  1. فخر لي الأستاذ الصديق رزق فرج أن تنشر مقالي الأدبي في صحيفتك الراقية كامل تقدير واحترامي لشخصك الأدبي الراقي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *