الرئيسية / ثقافة / مقالات ثقافية / رواية “المغاربة ” أرخبيل من المعرفة والمتعة

رواية “المغاربة ” أرخبيل من المعرفة والمتعة

رواية “المغاربة ” أرخبيل من المعرفة والمتعة

لحسن بنيعيش

  مكناس- المغرب.

تقع رواية المغاربة التي صدرت عن المركز الثقافي العربي بالدار البيضاء المغرب، الطبعة الأولى 2016 في 400 صفحة، من قياس 14x 21 لصاحبها الكاتب المبدع عبد الكريم جويطي.

BABA

حظيت هذه الرواية باهتمام كبير، في الأوساط الثقافية والإعلامية، عبر مجموعة من المحطات: حفل توقيع في خنيفرة، وسوق أربعاء الغرب، والدار البيضاء، في إطار ندوة بالمعرض الدولي للكتاب والنشر، النسخة 23. وفي ضيافة ياسين عدنان برنامج مشارف، ثم برنامج صدى الإبداع. فضلا عن المنتديات واللقاءات الأدبية، والنشر الورقي في الملاحق الثقافية، والوسائط الإلكترونية، للفيف من النقاد والمهتمين. لتشارك بعد ذلك في جائزة الإبداع الروائي الجائزة العالمية للرواية العربية المشهورة باسم: البوكر جائزة 2017 لتقفز الرواية من 186 رواية في المسابقة إلى إعلانها ضمن القائمة الطويلة من 16 رواية فقط. فهل عدم دخولها القائمة القصيرة يعود إلى عنوانها ” المغاربة”، ما يوحي بالنظرة القطرية الضيقة؟ فتلك لعمري ادعاء باطل وحكم جائر.

فإن كان التجذر في المكان “بني ملال” فالعالم يبدأ من بيتي هكذا يقول عبد الكريم جويطي، غير أن هذا العمل الابداعي تخطى الجغرافيا وانفتح بعوالمه الروائية على تفاعلات وصراعات سياسية واجتماعية، وآمال وأحلام كونية وإنسانية، ضمن رؤية فلسفية عميقة، مفادها: “ما قيمة نصر استوى فوق كل هذا الخراب؟” ص 8.

ولم يرتبط الولع بالعمى من خلال شخصية السارد، إلا ليقول: إن البطل يملك الرؤيا والآخرون تخذلهم الرؤية، وللتمييز بين العمى البيولوجي والعمى في التخطيط والبرامج والسياسات، ذلك العمى القائم على صراع الأنانيات. فإن كان البطل يصعد من الأرض إلى سطح البيت، ومن السطح إلى الجبل، فإن الآخرين يتجهون بخطى ثابتة نحو الهاوية. ففي الصعود سمو وإشراقة أمل، وفي النزول المأساة والخيبة والمرارات. يقول الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي:

“ومن لم يرد صعود الجبال       يعش ابد الدهر بين الحفر”

انفتاح الرواية على قضايا كبرى معرفية، تاريخية، وفلسفية، بات يفرضه واقع الكتابة اليوم أي الثقافة الموسوعية، التي يعتبرها الناقد الدكتور بنعيسى بوحمالة:” فرض عين، لا فرض كفاية”. فشخصية العسكري عبد الهادي الغافقي لا يكاد يفارق الكتب: “رجل يعيش بين الكتب فقط، ولم تعد له صلة حقيقية بالعالم” ص 143.

تنظيم سهرات وليالي الباشا، سفر في الموسيقى والفن والأدب، مع الرواد والأغاني الخالدة: محمد عبد الوهاب، عبد الحليم حافظ، وفريد الأطرش، واسمهان، وأم كلتوم، وروائع الأفلام، ومشاهير الكتاب والأدباء: طه حسين، محمد عمارة، وانفتاح على مشاهير الفن والثقافة والرياضة: مارلو، جاك بريل، مارسيل سيردان.” ص 278. دون أن يغفل الكاتب، ما ساهم به المغاربة في مجال الفن كتماوايت، راحلة وكبار الفنانين: رويشة وحادة أوعكي…

لا يقدم الكاتب المعرفة على لسان السارد، أو العسكري، أو بن تومرت، وباقي الشخصيات، سلعة جاهزة، بل يحركها ويقلبها من كل وجوهها، فيقبل منها ويرد، عبر مونولوجات جياشة أو حوارات حارقة، كالحب والمالكية في المغرب، والخيانة، التي يرى فيها: “لو لم تكن الخيانة لما كان التاريخ، هي التي وهبته أجمل مآسيه، وأكثرها قدرة على التأثير في شكل سم في طعام، وتسريب لأسرار ومعلومات لعدو، وفتح باب لمدينة منيعة، والتلاعب بثقة، والتخاذل حين يحمى وطيس معركة، بل بندالة الضرب من الخلف، ولذلك واجب فهم القولة:” من العزم سوء الظن بالناس” ص 344. وقد خاض الكاتب في الأدب والطب، والتاريخ والجغرافيا والتصوف:

الأدب الطب التاريخ الجغرافيا التصوف
الكتابة شذرات

احتفاء بالمقطع والعابر، بدلك الشيء الذي يتجلى للحظة ويمضي، الشذرات تحطيم الأنساق التي نسجن أنفسنا بداخلها “ص 144.

الاستشفاء بالتحديق، ثلاثة يحفظن النظر: النظر في الماء، والنظر في الخضرة، والنظر فـي الوجه الحسن.” ص 15. كتابة المنسي، وتاريخ الهامش، الذي أصبح منبعا من منابع الهامه. أسوار فيينا ص 314 الانيس المطرب

التشوف لرجال التصوف

دليل الخيرات ص 320

وما يلفت الانتباه هو قدرة الكاتب العجيبة، على الإمساك بمادته الحكائية، وإخضاعها لمشرط طبيب تجميل، يعيد تركيبها هيكلا فنيا منسجما، رائع التناسق، باعتماد: لغة رصينة، وتصوير فني باذخ، وتنويع المشاهد، وتوسيع أفقها الجمالي والمعرفي، ما يعكس اهتمام الكاتب باللغة والشعر والموسيقى والأدب، والتاريخ والترجمة، ما يضمن خصوبة التجربة وانفتاحها.

عن الخبر ال واي

شاهد أيضاً

“سوسْطارَة”… الحَفْرُ فِي عَوَالم الظِلّ

“سوسْطارَة”… الحَفْرُ فِي عَوَالم الظِلّ مقالة الروائي الكبير واسيني الأعرج عن ” سوسطارة”، لروائية حنان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *